سورة الأنفال - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَمَا جَعَلَهُ الله} أي الإمداد {إِلاَّ بشرى} إلا بشارة لكم بالنصر. {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم. {وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وإمداد الملائكة وكثرة العدد والأهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها.


{إِذْ يُغَشّيكُمُ النعاس} بدل ثان من {إِذْ يَعِدُكُمُ} لإِظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله معنى الفعل، أو بجعل أو بإضمار اذكر. وقرأ نافع بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ ابن كثير وأبو عمر {يغشاكم النعاس} بالرفع. {أَمَنَةً مّنْهُ} أمنا من الله، وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله: {يُغَشّيكُمُ النعاس} متضمن معنى تنعسون، و{يغشاكم} بمعناه، وال {ءامِنَةً} فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإِيمان فيكون فعل المغشي، وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه، أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاكم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله:
يَهَابُ النَّوْمُ أنْ يَغْشَى عُيُونا *** تَهَابُكَ فَهُوَ نَفَّارٌ شَرُودُ
وَقرئ: {ءامِنَةً} كرحمة وهي لغة. {وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السماء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ} من الحدث والجنابة. {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} يعني الجنابة لأنها من تخييله، أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش. روي أنهم نزلوا في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء، فوسوس إليهم الشيطان وقال: كيف تنصرون، وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون أنكم أولياء الله، وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر، فمطروا ليلاً حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا، وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة. {وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ} بالوثوق على لطف الله بهم. {وَيُثَبّتَ بِهِ الأقدام} أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل، أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة.


{إِذْ يُوحِى رَبُّكَ} بدل ثالث أو متعلق بيثبت. {إِلَى الملئكة أَنّي مَعَكُمْ} في إعانتهم وتثبيتهم وهو مفعول {يُوحِى}. وقرئ بالكسر على إرادة القول أو إجراء الوحي مجراه. {فَثَبّتُواْ الذين ءامَنُواْ} بالبشارة أو بتكثير سوادهم، أو بمحاربة أعدائهم فيكون قوله: {سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} كالتفسير لقوله: {أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ}، وفيه دليل على أنهم قاتلوا ومن منع ذلك جعل الخطاب فيه مع المؤمنين إما على تغيير الخطاب أو على أن قوله: {سَأُلْقِى} إلى قوله: {كُلَّ بَنَانٍ} تلقين للملائكة ما يثبتون المؤمنين به كأنه قال؛ قولوا لهم قوْلي هذا. {فاضربوا فَوْقَ الأعناق} أعاليها التي هي المذابح أو الرؤوس. {واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} أصابع أي جزوا رقابهم واقطعوا أطرافهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8